الفصل الخامس
فعالية المنظمات الاجتماعية الريفية
مفهوم فعالية المنظمات الاجتماعية الريفية
طرق قياس فعالية المنظمات الاجتماعية الريفية
معوقات فعالية المنظمات
فعالية المنظمات الاجتماعية الريفية
تمهيـــد :
يعتبر مفهوم فعالية المنظمات الاجتماعية من المفاهيم التى تناولتها كثير من الدراسات الاجتماعية بوصفه حجر الأساس في أداء المنظمات، وانطلاقاً من أن نجاح أى منظمة في أداء دورها يعتمد بدرجة كبيرة على درجة فعاليتها فيما تقوم به من أعمال، وأن نمو وبقاء وازدهار المنظمات الاجتماعية يتوقف إلى حد كبير على ما تستطيع القيام به من خدمات وأنشطة تتوافق مع حاجات المجتمع وأفراده، ومدى ما تحققه من أهداف، لذا كان اهتمام الباحثين بهذا الموضوع كبيراً خاصة في السنوات الأخيرة.
وسوف يتضمن هذا الفصل إيضاح مفهوم فعالية المنظمات الاجتماعية والفرق بين مفهومي الفعالية والكفاءة، وطرق قياس فعالية المنظمات الاجتماعية، ومشكلات قياسها، وخصائص المنظمة الفعالة، وأخيراً إلقاء الضوء على معوقات فعالية المنظمات الاجتماعية.
مفهوم فعالية المنظمات الاجتماعية :
يقصد بفعالية المنظمات الاجتماعية على أنها" قدرة المنظمة على تحقيق أهدافها التى قامت من أجلها".
وعرفت بأنها تحقيق التوازن الأمثل بين الأنشطة المختلفة المتعلقة بقدرة المنظمة على تحقيق التكيف أو التأقلم وعلى قدرتها على الاستمرار.
كما عرفت فعالية المنظمات بأنها النتيجة النهائية للأعمال من خلال التوازن بين قوة التنظيم وبين مؤثرات البيئة الخارجية.
مما سبق يتضح أن تحقيق التوازن الأمثل، وتحقيق التكيف والقدرة على الاستمرارية من متطلبات الفعالية.
يتضح مما سبق أن مفهوم فعالية المنظمات يركز بالدرجة الأولي على الأهداف الخاصة بالمنظمة، وكذلك الأهداف العامة التى تفي بإشباع حاجات الجماعة والعاملين في المنظمة على المستوى المحلي والعام، وأنه متى قامت المنظمة بالعمل على تحقيق أهدافها على الوجه المطلوب فإنها تصبح فعالة وناجحة في أداء دورها، أما إذا عجزت عن القيام بتحقيق تلك الأهداف فإنها تفقد فعاليتها وتفشل في أداء ذلك الدور، وأن إنجاز هذه الأهداف لا يتأتي إلا بإمكانية تخطيط الموارد المستغلة تخطيطاً جيداً، وزيادة قدرتها على الإنتاج، مع العمل على التوازن بين الأنشطة المختلفة التى تقوم بها المنظمة لإشباع حاجات الأفراد.
وبناءاً على ذلك يمكن استخلاص العناصر التى يتضمنها مفهوم الفعالية وهي:
1- قدرة المنظمة على تحقيق وإنجاز أهدافها الخاصة بها وأهدافها الخاصة بالتفاعل بينها وبين الظروف الداخلية والخارجية.
2- إمكانية تخطيط الموارد المستغلة وزيادة قدرة المنظمة على الإنتاج.
3- قدرة المنظمة على التكيف مع مؤثرات البيئة الخارجية.
4- قدرة المنظمة على الاستجابة لإشباع حاجات وتوقعات أفرادها، ورفاهية العاملين تحقيقاً للأهداف القريبة والبعيدة على مستوى المجتمع المحلي والعام.
طرق قياس فعالية المنظمات :
تعد دراسة فعالية المنظمات من الدراسات التى عني بها كثير من الباحثين عند دراستهم للمنظمات الاجتماعية، لذلك فقد تعددت اهتماماتهم نحو تقديم عدة نماذج لقياس تلك الفعالية.
ويجب أن يؤخذ في الاعتبار عند التحدث عن هذه الطرق تحذير "ستيرس" R. Steers حيث ذكر أن النقطة الرئيسية هنا ترجع إلى أن أى محاولة لتقييم المستوى الحالي لفعالية أى منظمة يجب أن تسبق بتحليل دقيق لاحتمالات الخطأ في تلك المحاولات التقييمية، لأن استخدام مقاييس غير صحيحة سوف يؤدي إلى أن التقييم الناتج سوف تكون قيمته غير مجدية لمديري المنظمة، ولذلك يجب أن يراعي عند استخدام تلك المقاييس كمؤشرات للنجاح أو الفشل أن يبذل مجهود معين لاختيار تلك المقاييس التى تعكس وبدقة الأهداف الموضوعية للمنظمة.
وفيما يلي عرض لأهم النماذج التى أوردها المهتمون بدراسة فعالية المنظمات وقياسها.
أولاً : نموذج الأهداف Goals Model :
هذا النموذج يعتبر من النماذج الأكثر شيوعاً في قياس فعالية المنظمة، ويرى أصحاب هذا النموذج أن الوظيفة الحقيقية للمنظمات هي إنجاز الأهداف، ومن هنا تصبح الأهداف التنظيمية هي المدخل الملائم لدراسة المنظمة وقياس فعاليتها.
وفعالية المنظمة في ظل هذا النموذج تتوقف على تحقيق كامل أو جوهري للأهداف، وتزداد فعالية المنظمات باستغلال موارد أكثر لتحقيق أهدافها.
ووفقاً لهذا النموذج فإن لكل منظمة مجموعة من الأهداف المحددة، ومدى التقدم باتجاه تحقيق هذه الأهداف من الطبيعي أن يكون قابلاً للقياس، وبالتالي تصبح المخرجات هنا هي وسيلة القياس الأساسية للفعالية، فكلما اقتربت أو تطابقت مخرجات النظام مع الأهداف كلما كان هذا النظام فعالاً.
وهناك عدداً من المداخل النظرية لمعرفة كيف تحدد الأهداف، ويمكن حصرها في مدخلين رئيسيين لكل منهما تفرعاته وهي :
المدخل الأول : يركز على الفعالية والأهداف من وجهة نظر المجتمع.
المدخل الثاني : يركز على الأهداف من داخل حدود المنظمة.
ويعني المدخل الأول أن الفعالية يمكن قياسها على عدة أسس هي :
أ- مدى ما تحققه المنظمة للمجتمع الذى تقوم بخدمته : بمعنى أن المنظمة تكون ناجحة وفعالة إذا أدت الوظائف الضرورية لحياة المجتمع وتكون فاشلة إذا انعدم أداؤها لوظائفها، فالمؤشر الدقيق هنا هو مدى انعكاس أنشطتها على حالة المجتمع الذى يدعمها بالموارد اللازمة.
ب- مدي استجابة المنظمة لحاجات المستفيدين منها : وذلك عن طريق حصر الفئات المستفيدة ثم تحديد احتياجات كل فئة ثم تقدير مدى تلبية المنظمة لهذه الحاجات، وبناءاً على ذلك تكون المنظمة ناجحة وفعالة في حالة استجابتها لحاجات المستفيدين منها.
ج- مدى استجابة المنظمة لما تحدده لها الجهات المشرفة عليها وكذلك مدى تقدير هذه الجهات المشرفة لأداء تلك المنظمة.
أما المدخل الثاني لتحديد الأهداف فيتمثل في التركيز على الأهداف المحددة التى التزمت المنظمة بتنفيذها، ويمكن تقسيم الأهداف إلى ثلاثة أنواع هي:
أ- الأهداف الرسمية : ويمكن تحديدها من خلال الوثائق الرسمية وتصريحات المسئولين.
ب- الأهداف التنفيذية : ويقصد بها تلك الأهداف التى تدعم بالموارد ويتم العمل فعلا على تنفيذها فيمكن قياس فعالية المنظمة من خلال ماهو مكتوب في الوثائق الرسمية أو تصريحات المسئولين عنها.
ج- الأهداف الطارئة : يقصد بها تلك الأهداف الطارئة التى تفرضها ظروف خارجية طارئة ولا تدخل ضمن رسالة المنظمة (أهدافها الرسمية) ولاضمن أهدافها التشغيلية، إلا أن الاستجابة لها ضرورية حتى تضمن المنظمة لنفسها البقاء.
وبناءاً على ذلك فإن مؤشر استجابة المنظمة لتلك الأهداف الطارئة مع احتفاظها بهويتها ومتابعة تنفيذ أهدافها يعتبر من المقاييس الأكثر حساسية لفعاليتها.
ولقد تعرض النموذج السابق لعدة انتقادات رئيسية تتمثل في الآتي :
الأول : ما يتعلق بصعوبة تعريف الأهداف ذاتها كمفهوم محورى يرتكز عليه هذا النموذج، وبالتالي عدم إمكانية تطبيق هذا النموذج والإفادة منه عملياً.
الثاني : يفترض نموذج الأهداف أن التنظيمات بناءات ذات طابع استاتيكي، وهذا افتراض غير واقعي لأن كل التنظيمات تتصف بالدينامية، فهي تتغير من حيث الحجم، والتعقيد، والوظائف، والعضوية.
الثالث : انتقاد "أتزيوني" حيث يرى أن هذا النموذج ينطوى على مقارنة غير واقعية بين تصور مثالي للأهداف وتصور آخر حقيقي، ومثل هذه المقارنة في رأيه مضللة لأنها تعني أن المنظمة موضوع البحث ليست ذات فعالية كبيرة في إنجاز أهدافها.
مع الوضع فى الاعتبار أنه لا يمكن الاعتماد فقط على نموذج الهدف في قياس فعالية المنظمات، وأن المنظمات أنساق اجتماعية، وأنشطتها تتميز بالتناسب، ومن هنا فإنه يصعب على أى منظمة أن تعتمد فقط على قياس تحقيق الهدف.
أن إحدى العيوب الأخرى للهدف النموذجي "نموذج الأهداف" مرتبط بالحقيقة التى تؤكد أن معظم المنظمات لها وظائف متعددة، وهذه المنظمات تسعي إلى إنجاز أهداف متعددة في نفس الوقت، مما يؤدي إلى جعل الفعالية في إنجاز أحد الأهداف ربما تكون مرتبطة بصورة عكسية بالفعالية في إنجاز أى هدف آخر، وبالرغم من هذا انقد الذى تعرض له هذا النموذج إلا أنه يظل الطريقة السائدة في دراسة فعالية المنظمات، وسيادته مرتبطة بالحقيقة التى تقول أن المنظمات تستخدم فعلاً الأهداف عن طريق التقارير السنوية، والوثائق المكتوبة، وأن الأهداف تظل محكاً رئيسياً لمعظم نظريات المنظمات وفعالية المنظمات.
وبالنظر إلى الانتقادات السابقة الموجهة لنموذج الأهداف يمكن القول بأنه :
أولاً : بالنسبة للانتقاد الأول : فليس هناك صعوبة في تعريف الأهداف، لأن كل منظمة يمكن أن توسع نطاق أهدافها في ضوء الإمكانيات المتاحة لها للتكيف مع المجتمع.
ثانياً : بالنسبة للانتقاد الثاني : فالتنظيمات ليست بناءات ساكنة ولكن يحدث داخلها تفاعلات اجتماعية ينتج عنها مخرجات تحقق أهدافها التى تعمل من أجلها.
ثالثاً : بالنسبة للانتقاد الثالث : ليس قصوراً في القياس أن يكون هناك عدة أهداف مثالية وحقيقية لأن كل منظمة لها أهدافها الحقيقية والموضوعة التى تعمل على تحقيقها (قريبة المدى)، كما أن لها أهدافها أخرى مثالية (بعيدة المدى)، وهذا التصور للأهداف يوجد في كل منظمة تسعى للاستمرارية في إنجاز وتحقيق أهدافها.
ثانياً : نموذج موارد النظام System Resource Model :
أن استخدام هذا النموذج يعتمد على نظرية النظام المفتوح والتى توضح أهمية التفاعل البيئي للمنظمة وتركز بشدة على العلاقة القائمة بين المكونات المختلفة داخل وخارج المنظمة حيث أن ارتباطهما يؤثر على نجاح أو فشل المنظمة
وإذا كان مدخل الهدف يركز على الأهداف (المخرجات) عند قياس الفعالية المنظمة فإن مدخل موارد (مصادر) النظام يركز على المدخلات، ويرجع سبب التركيز على استخدام هذا المدخل إلى أن كثيراً من النماذج التى تحتاج إليها المنظمات بها ندرة، وبالتالي فإن فعالية المنظمة في ظل هذا النموذج تتحدد بمدى قدرتها على حسن استغلال البيئة المحيطة للحصول على الموارد القيمة والنادرة اللازمة لممارسة أنشطتها وضمان استقرارها ونموها، وفي ضوء هذا النموذج يمكن النظر إلى المنظمة على أنها في علاقة تفاوض مع البيئة للحصول على الموارد النادرة والمتعددة مثل: التسهيلات المادية والأفكار والمواد الخام... إلخ، ثم إعادة هذه الموارد إلى البيئة في صورة سلع وخدمات.
وهذا يتفق مع النموذج الذى وضعه كل من "حسين موسى راغب" ، و"أحمد محمد عبد الله"، وكذلك النموذج الذى وضعه "سمير محمد يوسف" في الموضوع الذى شرح سابقاً بالفصل الثاني والذى يتعلق بالعلاقة بين المنظمة والبيئة.
وأصحاب هذا النموذج لاحظوا أن المتغيرات المتعلقة بقياس الفعالية المنظمية يمكن ترتيبها هرمياً بحيث يقع على قمتها مقاييس الاستخدام الأمثل لفرص وموارد البيئة، يليها مجموعة من المقاييس الوسطي، وهي أكثر من الأولي في العدد وهي مقاييس الإنتاج التى تشير إلى قدرة المنظمة على الوصول للمخرجات مهما كانت طبيعتها، وتشمل المجموعة الثالثة من المتغيرات ما يسمي بالمتغيرات الثانوية وهي كثيرة العدد، ويشير بعضها للأهداف الفرعية (وسائل تحقيق الأهداف)، أما البعض الآخر فيشير للعمليات التنظيمية، ويعتبر توزيع الموارد وفقاً لاحتياجات المنظمة في ظل هذا النموذج مؤشراً مناسباً للفعالية.
ويذكر "سكوت" W. Richard Scott أن هذا النموذج يصف المنظمات بقدرتها على تحقيق أهداف خاصة ولكنها مرتبطة بأنشطة أخرى باعتبارها وحدة اجتماعية.
ويؤخذ على هذا النموذج تتمثل فيما يلي :
1- أنه لم يحدد ماهي المصادر النادرة وذات القيمة التى تجعل المنظمة فعالة.
2- أنه اكتفي بالتركيز على القدر الذى تحصل عليه المنظمة من البيئة المحيطة دون تحديد أهداف هذه المصادر.
3- أنه يركز بدرجة أكبر على المدخلات مما قد يؤدي إلى حدوث آثار عكسية وضارة بالمنظمة، حيث يكون ذلك على حساب مخرجات المنظمة والتى تعطي لها أهمية أقل.
وبناءاً على تلك الانتقادات التى وجهت لهذا النموذج بندرة الموارد التى تحصل عليها المنظمة فإن الواقع يشير إلى وجود مصادر وموارد متعددة يمكن استغلالها من جانب المنظمة، ويتوقف هذا الاستغلال لتلك الموارد على وجود إدارة جيدة تعمل على استغلال هذه الموارد وتشغيلها بكفاءة.
ثالثاً : نموذج العمليات Processes Model :
يركزهذا النموذج في قياس فعالية المنظمة على مدى سلامة وكفاءة التنظيم الداخلي، ومدى تكيف وتناسق عملياته مع بعضها البعض، وتتمثل أهم خصائص المنظمات الفعالة في ظل هذا النموذج فيما يلي :
1- تقليل الإجهاد والتوتر داخل المنظمة.
2- تحقيق التكامل بين أهداف الأفراد وأهداف المنظمة.
3- مدى تدفق المعلومات بسهولة رأسياً وأفقياً داخل المنظمة.
4- مدى سهولة أداء الوظائف الداخلية.
5- درجة الاستفادة من طاقات الأفراد والجماعات.
ويؤخذ على هذا النموذج ما يلي :
أ- أنه لم يضع في اعتباره الأهداف التى تسعى المنظمة إلى تحقيقها.
ب- أنه يركز على عنصر واحد هو العمليات ويهمل بعدين على جانب من الأهمية وهما: المدخلات والمخرجات.
وبالرغم من تلك العيوب إلا أن هذا النموذج هو الأنسب لدراسة فعالية المنظمات بالنسبة للمنظمات التى تكون فيها المخرجات أكثر اعتماداً وارتباطاً بالعمليات الداخلية للمنظمة، حيث تكون هذه العمليات على درجة عالية من التحديد وعدم التعقيد.
وهناك العديد من النماذج النظرية التى تناولت مقاييس الفعالية والتى لم تخضع للاختبار التجريبي، وترجع أهميتها إلى التوصل لتصور إطار نظرى لتلك المقاييس، حيث يذكر "الحنفي" أن العالم "كابلو" Caplow وضع نموذجاً أطلق عليه نموذج "سيفا" Siva اختصاراً لمتغيراته الرئيسية وهي :
1- الثبات أو الاستقرار Stability : فالثبات هو قدرة المنظمة على المحافظة على وظائفها أو زيادتها، وبالتالي تتمكن من ضبط سلوك أعضائها والتحكم في مظاهر بيئتها الخارجية، ويتضمن هذا المحور خلق برامج جديدة، وتحقيق أهدافها، وحل مشاكل العاملين بيها.
2- التكامل Integration : ويقصد بالتكامل قياس قدرة المنظمة على زيادة معدل التفاعل بين مختلف وظائفها والتحكم في الصراعات الداخلية بها، ويتحقق التكامل بزيادة الاتصالات وإلمام الأعضاء وبرامج المنظمة واتفاقهم على أهدافها وتجميعهم في موقع واحد.
3- الطواعية Voluntarism : ويعبر عن قدرة التنظيم على تحقيق رضا الأعضاء، وإثارة الرغبة في استمرار عضويتهم بالتنظيم، وتتحقق الطواعية في حالة ما إذا قلت الضغوط المفروضة للاحتفاظ بالأعضاء.
4- الإنجاز Achievement : ويعبر عن النتيجة النهائية لنشاط التنظيم، وهذا المتغيرا هو في النهاية محصلة للثلاث متغيرات السابقة وهي : الاستقرار، والتكامل، والطواعية.
كما توجد بعض النماذج الأخرى ذكرها "ديسلر" Dessler على النحو التالي :
1- نموذج سيشور وياشتمان The Yuchtman-Seashore Model : وتعرف فعالية المنظمة في ظل هذا النموذج بأنها استخدام المنظمة لمصادرها المختلفة بكفاءة.
وهذا المفهوم لنجاح المنظمة يركز على الهدف الأساسي المحدد الذى تكافح من أجله المنظمة أكثر من سلوكها، وذلك كعملية لا تنتهي بل مستمرة للتغيير والمنافسة فيما يتعلق بمصادرها ذات القيمة المختلفة.
2- نموذج باس The Base Model :
في هذا النموذج يتم تقييم المنظمة وفقاً لما يلي :
أ- درجة الإنتاجية والمرابحة وقوة المنظمة.
ب- درجة اعتزاز الأعضاء بالمنظمة.
ج- درجة اعتزاز المجتمع بالمنظمة وأعضائها.
3- نموذج باتريس وواترمان The Paters and Waterman Model : في هذا النموذج يركز كل من "باتريس وواترمان" على أن نجاح المنظمة يجب أن يقاس بالنسبة للربح والنمو، والقدرة على التكيف والابتكار.
وعموماً فإن غالبية هذه النماذج لقياس الفعالية نماذج وصفية، وهي تحاول أن تحدد ما يجب على منظمة من المنظمات أن تقوم به لكي يحالفها النجاح.
مقياس الفعالية عند جبسون ودونللي Gibson & Donnelly :
يضيف "جبسون وزملاؤه" في هذا المقايس عامل الوقت في النموذج الذى يضعونه للفعالية فيقولون أن المقياس الأخير لفعالية المنظمة يتمثل في الاستمرار والبقاء، أى القدرة على ممارسة أعمالها وقبول المجتعم لها على المدى الطويل.
هناك عدة محكات أخرى لقياس فعالية المنظمات هي :
1- رأى الاخباريين أو المتخصصين في مجال الإدارة والذين لهم علاقة بالمنظمة.
2- مدي رضا الجمهور منذ إنشاء المنظمة إلى الوقت الحالي، وهل ظلت المنظمة تؤدي نفس العمل أم أنها توسعت في مجالات أخرى عديدة.
3- مقارنة الإنتاجية أو التكلفة في الوحدات المتشابهة داخل المنظمة أو في المنظمات الأخرى ذات النشاط المشابه.
4- عدد المتطوعين لصالح المنظمة وزيادة النسبة باستمرار، وذلك في ضوء تطور وزيادة أعداد المستفيدين من خدمات المنظمة.
5- مدى تفهم العاملين لمعايير المنظمة ومدى شعورهم بالانتماء للمنظمة.
6- الرغبة في العمل المشترك بين العاملين وعدم وجود صراعات، وانفتاح قنوات الاتصال وتنسيق الجهود فيما بينهم.
7- درجة الاستقرار الذى تتمتع به المنظمة حالياً، ومدى وضوح خطواتها نحو المستقبل القريب والبعيد.
8- مدى كفاءة المديرين، ومدى قدرتهم على توفير تسهيلات للتفاعل وتحقيق الأهداف (مهارات عملية وشخصية).
9- درجة الكفاية والتكامل في الاتصالات الرسمية داخل التنظيم.
10- درجة الاستعداد في المنظمة للانطلاق بنجاح نحو تحقيق الأهداف الملموسة.
11- مدى التفاعل الناجح بين المنظمة والمجتمع المحيط وخاصة من الناحية العملية.
12- تقييم الإنجاز داخل المنظمة مقارنة بالمنظمات الأخرى بالمجتمع.
مقياس الفعالية المنظمية عند مالفورد وآخرون :
ويتضمن هذا المقياس أربعة محاور للفعالية المنظمية وهي : الإنتاجية المنظمية، والصحة المنظمية، ومدخلات التنمية، والدعم الجماهيري، ويشتمل كل محور على عدد من المتغيرات هي :
أولاً : الإنتاجية المنظمية Organizational Productivity :
ويتضمن ذلك المحور أربعة متغيرات فرعية هي :
1- وضوح الأهداف : وتعني مدى فهم أعضاء المنظمة للأهداف المنظمية، ونعني بالأهداف الواضحة تلك الأهداف المحددة وغير الغامضة.
2- الاتفاق على الأهداف : وتعني درجة اتفاق أو إجماع أعضاء المنظمة على الأهداف.
3- تحقيق الأهداف : وتعني درجة تحقيق المنظمة لأهدافها.
4- كفاءة التشغيل : وهي مدى قدرة المنظمة على تحديد واستخدام مواردها لتحقيق أهدافها بأقل تكلفة ممكنة.
وهذه النتائج تشمل جانبين هما :
أ- تحقيق الأهداف وهو ما يطلق عليه الفعالية Effectiveness.
ب- حسن استخدام الموارد المتاحة وهو ما يطلق عليه الكفاءة Efficiency.
ثانياً : الصحة المنظمية Organizational Health :
يتفق معظم العلماء على أن الرضا الوظيفي للعاملين وتعرفهم على الأهداف المنظمية وإدراكهم للمناخ المنظمي، عوامل هامة إذ يجب على مديرى المنظمة بذل قصارى جهودهم لتحسين الظروف البيئية للعمل، ولاشك أن مناخ العمل والرضا الوظيفي والمناخ السيكولوجي يؤثر بدرجة كبيرة على أداء العاملين لوظائفهم، ويتضمن هذا المحور ثلاثة متغيرات فرعية هي :
1- العمليات الإدارية : وتشمل ثلاثة متغيرات وهي : التنشئة الاجتماعية، والاتصال الداخلي، والعلاقات الإنسانية وتضم المناخ السيكولوجي، ويتضمن المناخ السيكولوجي مصطلحين هامين هما: الرضا الوظيفي، وتكامل الأهداف.
ويعتبر الرضا الوظيفي Job Satisfaction من المتغيرات المركبة متعددة الأبعاد، وهناك عدد من مظاهر العمل وبيئته التى تؤثر بدورها على رضا وسعادة الفرد من وظيفته، وعلى ذلك يمكن القول بأن الرضا الوظيفي يعبر عن شعور الفرد وتقييمه لوظيفته.
ثالثاً : مدخلات التنمية Input to Program Development :
ويتضمن هذا المحور ثلاثة متغيرات فرعية هي :
1- مناسبة الأهداف الرسمية.
2- تقدير الاحتياجات وترتيب الأهداف.
3- الكفاءة الاقتصادية (تقدير الكفاءة الخارجية للمنظمة).
رابعاً : الدعم الجماهيري Public Support :
ويتضمن هذا المحور متغيرين اثنين هما :
1- دراسات مقارنة مع المنظمات الأخرى : حيث يمكن تقدير الفعالية لأي منظمة أو برنامج وذلك بإجراء مقارنة بين هذه المنظمة مع غيرها من المنظمات أو البرامج، فالمنظمة تتنافس مع المنظمات والمصالح الأخرى سواء كانت حكومية أو خاصة فيما يتعلق بالموارد المالية والعاملين.
2- دراسات تصورية : ويتم تصميم تلك الدراسات لتقدير أداء المنظمة وذلك بالاعتماد على الخبراء والمتخصصين.
وقد ذكر كل من "Bedeian" ، و "Dessler" نتائج الدراسة التى قام بها Richard Steers لقياس فعالية المنظمات وذلك باستعراضه لسبع عشرة دراسة استخدمت كل منها أبعاداً متعددة للفعالية المنظمية، وذلك لمعرفة أكثر المقاييس تكراراً في هذه الدراسات السبع عشرة وهي :
المقيــــاس عدد مرات استخدامه
التكليف والمرونة 10
الانتاجية 6
الرضا الوظيفي 5
الأربحية 3
تدبير الموارد 3
غياب التوتر 2
التحكم في البيئة 2
التنمية 2
الكفاءة 2
القدرة على الاحتفاظ بالعاملين 2
النمو 2
التكامل 2
الاتصالات المفتوحة 2
البقاء 2
مقاييس أخرى 1
ويتضح من هذا الجدول أن أكثر المقاييس استخداماً للتعبير عن الفعالية هي التكيف والمرونة، والإنتاجية، والرضا الوظيفي.
من خلال العرض السابق للنماذج المختلفة لقياس فعالية المنظمات، يتضح تعدد تلك النماذج بتعدد وجهات نظر الباحثين.
ويرتبط بقياس الفعالية عدة مشكلات تواجه الباحثين في هذا المجال سوف يتم عرضها في الجزء التالي :
مشكلات قياس الفعالية Effectiveness Measurement Problems :
يواجه الباحثين في مجال فعالية المنظمات العديد من المشكلات عند تعرضهم للمقاييس المتعلقة بها.
وفي هذا الصدد يذكر "ستيرس" R. Steers العديد من المشكلات التى تعوق محاولات القياس، ويمكن تحديد هذه المشكلات فيما يلي:
1- عدم ثبات مقاييس التقييم الموجودة حالياً.
2- اختلاف المقاييس وارتباطها بأوقات مختلفة.
3- تنوع المقاييس وتعارضها مع بعضها البعض.
4- عدم إمكانية تطبيق بعض المقاييس لأنواع معينة من المنظمات.
5- صعوبة قياس بعض تلك المقاييس مثل التكيف.
يثير قياس الفعالية العديد من المشكلات، حيث أن هذا المفهوم له مضمون قيمي يتعارض إلى حد ما مع روح القياس، بالإضافة إلى أن ما يتخذ كمقياس لفعالية تنظيم قد لا يتناسب مع تنظيم آخر وهذا ما أوضحته الدراسات التى أجريت على هذا الموضوع، ويذكر "الحسيني" أيضاً وجهات نظر بعض العلماء في قياسهم للفعالية ومنهم "ثرونديك" Thorondike الذى يرى أن علماء النفس الصناعي يعتمدون في قياسهم لنجاح التنظيم في أداء وظائفه على أربعة محكات هي : حجم الانتاج، وصافي الأرباح، والنجاح في عقد الصفقات التجارية، والقدرة على توسيع نطاق التنظيم والنهوض به، ومنهم "كان" Khan الذى استخدم بعض المحكات في قياس الفعالية مثل : الروح المعنوية والغياب، ورضا الأعضاء، ومنهم "جورجوبولوس" ، و "تاننباوم" حيث قام كل منهما بعمل دراسة على تنظيم صناعي باستخدام ثلاثة محكات أخرى لقياس الفعالية وهي: الانتاجية، والمرونة التنظيمية (تكيف التنظيم مع المتغيرات الداخلية التى تحدث فيه)، وعدم وجود ضغوط داخلية في التنظيم أو صراعات بين أفراده، وأفضل هذه المحكات هي الإنتاجية لأن هذا المحك يرتبط بحركة التنظيم نحو أهدافه.
وهناك عدة مشكلات تواجه الباحثين في مجال دراستهم للفعالية يمكن توضيحها فيما يلي
المشكلة الأولي : وتتمثل في السؤال الآتي : هل تقاس الفعالية المنظمية في مدة زمنية واحدة أم تقاس تطورياً عبر الزمن ؟ وقد أجاب عن هذا السؤال "كاميرون، ووتين، وميلز" ، حيث يؤكدون على أن القياس تطورياً عبر الزمن أفضل، فالمعايير الساكنة لا تأخذ في الاعتبار أن المنظمة قد تكون فعالة بمقاييس الأجل القصير، وغير فعالة بمقاييس الأجل الطويل أو العكس، كذلك فإن مقاييس الفعالية قد تتفاوت خلال دورات حياة المنظمة.
المشكلة الثانية : تتمثل في السؤال الآتي : هل يتم قياس الفعالية بالاعتماد على مقياس وحيد ونهائي أم يتم الاعتماد على عدة مقاييس؟ وهناك اتجاه عام واضح بين الباحثين لقياس الفعالية المنظمية من خلال مقياس وحيد ونهائي وهو الانتاجية، أو الربح، أو الإنجاز، أو الرضا الوظيفي...إلخ، وقد ينشأ تعارض بين مقاييس الفعالية، فقد تكون هناك امكانية لزيادة الانتاجية على الأقل في الأجل القصير، ولكن بالضغط على العاملين لبذل أقصي جهد قد ينشأ عنه التعارض بين مقياس الانتاجية ورضا العاملين.
المشكلة الثالثة : تتمثل في مصدر البيانات التى تشمل البيانات الموضوعية، والبيانات الذاتية، والمصدر الثالث مزيج من البيانات الذاتية والموضوعية، والمشكلة هنا تتضح في أن التنظيم قد يكون فعالاً طبقاً للبيانات الذاتية (المتحيزة)، وقد يكون غير فعال بناءاً على البيانات الموضوعية.
يتضح مما سبق عرضه من المشكلات العديدة التى تواجه الباحثين في دراسة فعالية المنظمات أن بعضاً منها قد تناول مشكلات المقاييس المتعلقة بتقييم فعاليتها، والبعض الآخر قد تناولها من ناحية تعدد المقاييس المختلفة للفعالية ومناسبة كل مقياس لمنظمات دون الأخرى، وهذا يؤكد مدى الاهتمام المشترك بينهم بدراسة فعالية المنظمات، وقد انعكس ذلك بوضع تصورات ومعايير معينة يمكن الحكم بها على كون تلك المنظمات ذات فعالية أكثر أو كونها غير فعالة.
خصائص المنظمة الفعالة :
المنظمات الفعالة تختلف فيما بينها في تحقيق أهدافها بدرجات متفاوتة، كما تختلف عن المنظمات الأخرى غير الفعالة وهناك طرق متعددة وممارسات متنوعة لتحقيق الفعالية المطلوبة، فمثلاً يمكن أن تستخدم المنظمة خطة محكمة ومدروسة قائمة على التنسيق الجيد فتصل إلى الفعالية المطلوبة، وقد تكون خطة العمل في منظمة أخرى غير محددة التفاصيل، وتصل أيضاً إلى درجة من درجات الفعالية، كما يمكن للمنظمة معالجة التغيرات التى تتعرض لها بفعالية بأن تبدأ بإجراء تغيرات في التنظيم الرسمي وترى تأثير ذلك على الأفراد الذين يمكن أن يستجيبوا لهذه التغييرات بالإيجاب، كذلك فإن درجة الرقابة التى تمارسها الإدارة على الأفراد تختلف حسب الاختلافات الأفراد والبيئة، فكلما زادت درجة التأكد من الظروف البيئية المحيطة فإن المنظمة تميل إلى ممارسة رقابة أشد، وبالتالي فإن المنظمة الفعالة لا تقتصر على خصائص معينة يمكن أن تعمم على بقية المنظمات فهذا أمر يتوقف على أهداف وطبيعة ونشاط كل منظمة على حدة، وبالتالى فإن المنظمة الفعالة هي التي:
1- تحقق التكيف والمواءمة مع البيئة الداخلية والخارجية.
2- تواجه المشكلات وتعمل على حلها.
3- توظف الموارد بالشكل الملاءم لأهدافها.
4- تتحمل المخاطرة بقدر معقول.
5- تضع في اعتبارها حاجات الأفراد وحاجات التنظيم، وتعطي النوعين من الحاجات نفس الأهمية والأولوية.
6- يقوم فيها كل مدير بدراسة المحيط الذى تعمل فيه المنظمة من نواحي متعددة، ويكتشف بنفسه الممارسات والأساليب العلمية الملائمة التى تقوم على استخدام الخبرة السابقة للاسترشاد بها، واستعراض البدائل والحلول المناسبة للمشكلات المحيطة بالمدير، واختيار أنسبها في ضوء عوامل محددة مما يساعد الإدارة على الوصول لأنسب الطرق للفعالية.
ولكي تصبح المنظمة فعالة فإنه يجب توافر عدة شروط فيها حتى تصبح كذلك وهي
1- قيام المنظمة بإشباع الحاجات الأساسية لأعضائها.
2- قيام المنظمة بالعمل مع المنظمات الأخرى على المستويين الأفقي والرأسي حيث يمكنها بذلك التأثير على مراكز اتخاذ القرارات.
3- ربط المنظمة بالقيادات الشعبية المحلية لأن ذلك يساعد المنظمات على التعرف على رغبات واحتياجات سكان المجتمع.
4- قيام المنظمة بالعمل على مواجهة الاحتياجات المادية الضرورية بما يؤدي لمساندة الأعضاء لها.
5- قيام المنظمة بقياس اتجاهات رأى سكان المجتمع فيما تؤديه من خدمات، وتغيير سياستها وفقاً لهذه الآراء كلما تطلب الأمر ذلك.
6- استمرار وجود العنصر البشرى في المنظمة.
7- توفير التدريب والعمل على وجود قيم اجتماعية يقبلها الأعضاء ومن بينها الموافقة على أهداف المنظمة.
8- توسيع نطاق الاتصال والتفاعل بين الأعضاء.
9- وجود تقسيم للعمل مبني على أساس من التخصص والأنشطة والواجبات.
10- تنظيم العلاقات بين مختلف أقسام المنظمة.
11- الحصول على الموارد اللازمة من البيئة الطبيعية والبيئة الاجتماعية.
12- تحديد الأدوار الاجتماعية التى يقوم بها العاملون وتعريف كل منهم بالدور الذى يجب عليه أن يؤديه وواجباته ومسئولياته.
13- التنسيق بين الأنشطة للمساعدة على تحقيق أهداف المنظمة.
14- العمل على حل النزاع الذى قد ينشأ داخل المنظمة.
15- وجود هدف محدد، ومتفق عليه يعرفه الأفراد والمديرون، وكذلك توفر التوجيهات اللازمة للوصول إلى هذا الهدف.
16- النظرة الإيجابية للأفراد، وحسن توجيه طاقاتهم، والتعرف على دوافعهم، وتأكيد مفهوم العضوية والالتزام بها.
17- تشجيع التعاون بين الأفراد والمنافسة البناءة لتحقيق أهداف المنظمة.
18- القياس الدقيق للانجازات، والتعرف على نواحي القوة والضعف، والتحليل المناسب لأسباب القوة أو الضعف، وتطبيق الاجراء المناسب.
19- التطلع إلى فرص التحسين، والبحث عن الجديد، وتشجيع الابتكار، وتطبيق الحلول غير التقليدية للمشكلات.
من العرض السابق لخصائص المنظمات الفعالة يتضح وجود أكثر من معيار يمكن الحكم به على مدى فعالية تلك المنظمات من عدمه، وحتى تحافظ المنظمات على فعاليتها واستمراريتها فإن ذلك يتطلب منها التغلب على ما يواجهها من معوقات تعترض قيامها بأداء أدوارها، وفيما يلي عرضاً لتلك المعوقات.
معوقات فعالية المنظمات :
يعترض تحقيق المنظمة لدورها المكلفة به العديد من المعوقات منها ماهو خارجي، ومنها ماهو داخلي، حيث تنعكس تلك المعوقات بصورة سلبية على وظائف وبرامج وأنشطة تلك الجمعيات، ومن هذه المعوقات ما يلى :
أولاً : عوائق خارجية : وتشمل ما يلي :
أ- الدولة وقوانينها :
تخضع أغلب المنظمات الأهلية في نشأتها وحركتها لقوانين وتشريعات حكومية تعطى للدولة حق التدخل في مختلف أنشطتها بوصفها الرقيب على أعمالها، وبالتالي تفقد تلك المنظمات شرعية وجودها نتيجة ممارسة الحكومة للتحكم في عمل تلك المنظمات بقوة القانون.
ب- الانتخاب :
تمارس المنظمات الأهلية الديمقراطية في تسيير أمورها دون تمييز لبعض من أعضائها على البعض الآخر، وقد توجد رغبة من الأعضاء المنتسيبين إليها في تحقيق مصالح ذاتية وشخصية بالإضافة إلى أن بعض هذه المنظمات أصبح يرتبط باسم شخص أو عدة أشخاص، كل ذلك ربما يعيق بدرجة كبيرة إمكانية بلورة برامج وأهداف مشتركة لأعضاء الجمعية، كما أن ذلك يؤثر بدوره على إمكانية المشاركة والعمل الجماعي، وبالتالي تأكيداً لدورها الرائد في ممارسة الديمقراطية لزيادة فعاليتها في تحقيق أهدافها.
ج- التمويل وقيوده :
يقوم تسويل الجمعيات الأهلية على المصادر الذاتية (اشتراكات الأعضاء، والتبرعات...إلخ)، إلا أن أغلب تلك الجمعيات يتجه إلى التمويل الذى تقدمه هيئات المعونات الأجنبية المختلفة، وفي نفس الوقت فإن التمويل ليس متاحاً لكل المنظمات ولا لكل المشروعات، فهناك منظمات أهلية لا تجد صعوبة في توفير التمويل لمشروعاتها وأنشطتها بسبب طبيعية نشاطها أو نتيجة لعلاقات القائمين عليها شخصياً بمؤسسات التمويل، بينما نجد هناك منظمات أخرى لا تحصل على أى تمويل نتيجة سوء اختيار أو سوء تقديم مشروعاتها، وبالتالي يصبح التمويل عاملاً رئيسياً محدداً لفعالية جمعية دون أخرى.
د- الشرعية الشعبية :
ترتبط شرعية أى جمعية أهلية بتوفير الترخيص القانوني لمزاولة نشاطها، إلا أن شرعية استمرارها يرتبط أساساً بمدى فعاليتها داخل المجتمع المحلي الذى تعمل من خلاله، وهذه الشرعية تعتبر كحافز لتلك الجمعيات على مواصلة أداء أدوارها وانجازها لأهدافها الرسمية، بينما يؤثر غياب تلك الشرعية سلبياً على كثير من تلك الجمعيات في شكل انعدام تعاون، ودعم المجتمع المحلي، وبالتالي يلزم أعضاء تلك الجمعيات مهارات خاصة في الاتصال والتعامل مع المجتمع المحلي لتضييق تلك الفجوة.
ثانياً : عوائق ذاتية داخلية : وتنقسم إلى نوعين هما :
أ- مستوى الوعى السائد لدى الأعضاء :
يمكن القول أن الوعي بالدور التنموي الذى تقوم به تلك الجمعيات كآليات للتغيير شبه منعدم، وأن الدوافع الذاتية المختلفة التى دفعت الأعضاء للانضمام لتلك الجمعيات تشكل في حد ذاتها عائقاً ذاتياً يحرم الفرد من الوعي بدور تلك الجمعيات في إحداث التنمية، وهذا يفسر التناقض الواضح بين الأعداد المتزايدة لتلك الجمعيات من ناحية، وبين مستوى فعاليتها وتأثيرها بشكل عام من ناحية أخرى.
ب- نظم الإدارة ومستوى المهارات والمعارف :
حيث أن أعضاء الجمعيات الأهلية العاملون بالمؤسسات الاجتماعية الأخرى بالمجتمعات التابعة لقطاع عام أو خاص يحملون نفس الثقافة الإدارية ونفس المعارف والمهارات المكتسبة من تلك المؤسسات وهي بدورها مؤسسات يغلب عليها طابع التخلف الإدارى مما ينتج عنه سوء استخدام لموارد الجمعية أو سوء تخطيط لبرامجها وأنشطتها.
مما سبق عرضه للنماذج المختلفة التى استخدمت في قياس فعالية المنظمات الاجتماعية، يتضح أنها ركزت في محتواها على المقاييس التالية :
1- نموذج الأهداف ونموذج مالفورد: وفيه يتم قياس الفعالية عن طريق التقارير السنوية والوثائق المكتوبة للمنظمة.
2- نموذج موارد النظام ونموذج مالفورد: وفيه تقاس الفعالية بمدى قدرة المنظمة على استخدام البيئة المحيطة بها للحصول على الموارد القيمة والنادرة اللازمة لممارسة أنشطتها.
3- نموذج العمليات : وفيه تقاس الفعالية بمدى سلامة وكفاءة التنظيم الداخلي خاصة من حيث تحقيق التكامل بين أهداف الأفراد وأهداف المنظمة.
4- نموذج سيفا: وتقاس الفعالية في هذا النموذج من خلال أربعة متغيرات رئيسية هي :
أ- الاستقرار : وهو قدرة التنظيم على الرقابة على سلوك أعضائه وعلى بعض جوانب البيئة الخارجية.
ب- التكامل : ويقصد به وجود درجة أكبر من الاتصال بشان المشاكل والإجراءات.
ج- الطواعية : ويقصد به قدرة التنظيم على تحقيق رضا الأعضاء واستمرار عضويتهم.
د- الإنجاز : وهو النتيجة النهائية لنشاط التنظيم ومحصلة المتغيرات الثلاث السابقة.
5- نموذج مالفورد : وفيه انفرد عن النماذج الأخرى بالتركيز على الآتي:
أ- الصحة المنظمية : وتقاس الفعالية هنا بالعمليات الإدارية والتى تحتوى على الرضا الوظيفي الذى يعبر عن شعور الفرد وتقييمه لوظيفته.
ب- مدخلات التنمية : وتقاس الفعالية فيها من خلال عدة متغيرات هي:
1- مناسبة الأهداف الرسمية.
2- الكفاءة الاقتصادية (تقدير الكفاءة الخارجية للمنظمة).
ج- الدعم الجماهيري : وتقاس الفعالية هنا من خلال متغيرين هما :
1- دراسات مقارنة مع المنظمات الأخرى وذلك بالمقارنة بين المنظمة مع غيرها من المنظمات فيما يتعلق بالموارد المالية والعاملين.
2- دراسات تصورية : وفيه يتم تقدير أداء المنظمة بالاعتماد على الخبراء والمتخصصين.
وبناءاً على ما سبق عرضه من النماذج المختلفة لقياس فعالية المنظمات يمكن الاستفادة منها في اختيار أفضلها للدراسة وظروفها وبالتالي يمكن الارتكاز عليها في قياس فعالية جمعيات تنمية المجتمع المحلي، ويرى الباحث أن أكثر تلك النماذج مناسبة للدراسة هي:
1- نموذج الأهداف : والذى يقيس الفعالية باستخدام المنظمة لمواردها بما يحقق أهدافها (المخرجات).
2- نموذج موارد النظام : وهو يقيس الفعالية بحسن استغلال المنظمة للبيئة المحيطة للحصول على الموارد النادرة كمدخلات من البيئة وتشغيلها ثم اعادتها للمجتمع في صورة سلع وخدمات.
3- نموذج العمليات : والذى يقيس الفعالية بمدى كفاءة وسلامة التنظيم الداخلي خاصة من حيث تحقيق التكامل بين أهداف الأفراد وأهداف المنظمة.
كما أن النماذج الثلاثة السابقة يعطى كل منها مؤشراً دقيقاً عن الفعالية من ناحية، وكذلك فإن المحصلة النهائية لكل من النماذج السابقة محصلة واحدة وهي تحقيق ماقامت المنظمة وأنشئت من أجله وهو الوصول للأهداف معبراً عنها بالمخرجات وهي الناتج النهائي لنشاط كل منظمة من ناحية أخرى.
من العرض السابق لهذا الفصل يتضح أن التعاريف المتعلقة بفعالية المنظمات متنوعة، وقد تناول الاجتماعيون هذه التعاريف من عدة مداخل، فطبقاً لمدخل الهدف يتفق الباحثون على أنها قدرة المنظمة على تحقيق أهدافها التى قامت من أجلها، ووفقاً لمدخل موارد النظام تعرف الفعالية على أنها قدرة المنظمات على إمكانية تخطيط مواردها المستغلة، وزيادة قدرتها على الإنتاج، وطبقاً لمدخل العمليات تعرف الفعالية على أنها التوازن بين قوة التنظيم ومؤثرات البيئة الخارجية وتحقيق التكيف والقدرة على الاستمرارية، ووفقاً لمدخل جمهور المتعاملين تعرف الفعالية على أنها مدى قدرة المنظمة على الاستجابة لاشباع حاجات وتوقعات أفرادها، ورفاهية العاميلين بها تحقيقاً للأهداف القريبة والبعيدة على مستوى المجتمع المحلي والعام.
ويختلف كل من الفعالية والكفاءة في المعني، حيث أن الفعالية تعني مدى تحقيق المنظمة للأهداف التى تعمل من أجلها، أما الكفاءة فيقصد بها مدى انتاج أكبر كمية ممكنة من المخرجات بأقل تكاليف كلية.
وتوجد طرق عديدة لقياس فعالية المنظمات والتى تتمثل في النماذج النظرية التى أوردها المهتمون بهذا المجال، وأولي هذه النماذج هي نموذج الأهداف والذى يوضح أن لكل منظمة مجموعة من الأهداف وأن مدى التقدم باتجاه تحقيق هذه الأهداف من الممكن أن يكون قابلاً للقياس، وهناك نموذ موارد النظام والذى يركز على أن فعالية المنظمة في ظل هذا النموذج تتحدد بمدى قدرتها على استغلال الموارد المادية والبشرية، حيث أن المنظمة توجد في هذه الحالة في صورة علاقة تفاوض مع البيئة للحصول على الموارد النادرة لتشغيلها ثم تعود تلك الموارد مرة أخرى بعد تشغيلها في صورة سلع وخدمات...إلخ، ويوجد نموذج آخر لقياس فعالية المنظمات وهو نموذج العمليات والذى من خلاله يمكن الحكم على فعالية المنظمات بمدى سلامة وكفاءة التنظيم الداخلي، ومدى تكيف وتناسق عملياته مع بعضها البعض، وهناك نموذ "سيشور وياشتمان" والذى يركز على أن فعالية المنظمة تتحدد هنا باستخدام المنظمة لمصادرها المختلفة بكفاءة، ونموذج "باس" الذى يقيم المنظمة على أساس درجة الانتاجية والمرابحة وقوة المنظمة، ونموذج "باتريس وواترمان" الذى يذكر أن نجاح المنظمة يقاس على أساس الربح والنمو والقدرة على التكيف والابتكار، ويركز نموذج "جبسون ودونللي" على أن الحكم على فعالية المنظمة يتحدد على أساس الاستمرار والبقاء (القدرة على ممارسة أعمالها وقبول المجتمع لها على المدى الطويل).
وأخيراً مقياس الفعالية عند مالفورد وزملاؤه" وتتمثل في عدة محاور هي: الانتاجية المنظمية، والصحة المنظمية، ومدخلات التنمية، والدعم الجماهيري، وتتمثل أهم مشكلات قياس الفعالية في عدم ثبات مقاييس التقييم الموجودة حالياً وتنوعها وتعارضها مع بعضها، وعدم إمكانية تطبيق بعض المقاييس لأنواع معينة من المنظمات، وتتمثل أهم خصائص المنظمات الفعالة في أنها تضع في اعتبارها حاجات الأفراد وحاجات التنظيم وتعطي النوعين من الحاجات الأهمية والأولوية، ويواجه قيام المنظمات بتحقيق أهدافها بعض المعوقات منها ماهو خارجي كالتمويل وقيوده، والشرعية الشعبية، ومنها ماهو داخلي مثل مستوي الوعي السائد بين الأعضاء ونظم الإدارة ومستوى المهارات والمعارف.