الفصل العاشر
المناقشة العامة للنتائج والتوصيات
General Discussion & Recommendations
تمهيد: Preface
يتناول هذا الفصل المناقشة العامة للنتائج فى ضوء ما تم التوصل إليه فى هذه الدراسة من جهة، وفى ضوء ما أتيح الاطلاع عليه وما توصلت إليه الدراسات السابقة من نتائج من جهة أخرى بالإضافة إلى مجموعة من التوصيات.
المناقشة العامة للنتائج
أولاً: فيما يختص بالمفهوم الإجرائي للفعالية
تختلف الدراسة الراهنة عن عديد من الدراسات السابقة التى أتيح الاطلاع عليها فى أنها تأخذ بمفهوم اجرائى أكثر شمولاً حيث لا يقتصر مفهوم الفعالية فقط على قدرة المنظمة على تحقيق أهدافها، والذي أخذت به معظم الدراسات السابقة، ولكنها استخدمت مفهوماً متعدد الأبعاد يأخذ فى اعتباره كل من قدرة المنظمة على تعبئة الموارد اللازمة لممارسة أنشطتها، وقدرتها على التوظيف الأمثل لهذه الموارد ، بجانب قدرتها على المساهمة فى التنمية الريفية، وقد حاولت الدراسة قدر الإمكان تحليل تلك الجوانب وبناء نموذج مقترح للفعالية يتكون من الأبعاد السابق الإشارة إليها.
ثانياً: فيما يختص بمنهج الدراسة
لم تختلف الدراسة الحالية كثيراً عن الدراسات السابقة التى تم الإطلاع عليها من حيث منهج الدراسة المستخدم بها، حيث استخدمت الدراسة المنهج الوصفى – المسح الاجتماعي وذلك لتحليل أبعاد مشكلة الدراسة إلى عواملها المسببة، وللوصول إلى الحقائق المتعلقة بتلك المشكلة.
ولذلك فقد تعددت أساليب جمع بيانات الدراسة باستخدام بيانات الإستبار بالمقابلة الشخصية بالإضافة إلى استخدام البيانات السجلية، مع تقنين متغيرات الدراسة وإعادة تجميعها وبناء مقاييس تعبر عنها من خلال استخدام الأسلوب الكمي بشكل أساسي فى معالجة البيانات التى تم جمعها بالأساليب المشار إليها.
ثالثاً: فيما يختص بنتائج الدراسة
1- أوضحت النتائج عدم وجود علاقة اقترانية بين الفعالية المنظمية وعمر الجمعية، ويمكن تفسير ذلك فى ضوء تقارب أعمار الجمعيات المدروسة حيث أوضحت نتائج توزيع الجمعيات وفقاً لطبيعة المتغيرات المنظمية المدروسة، أن نحو 70% من إجمالي الجمعيات وقعت أعمارهم فى الفئة
(30 سنه فأكثر) وهذه النتيجة تضعف من الاعتماد على هذا المتغير (عمر الجمعية) فى قياس الفعالية.
2- أوضحت النتائج عدم وجود علاقة اقترانية بين الفعالية المنظمية وعدد المنظمات الحكومية المتعاونة، ويمكن تفسير هذه النتيجة فى ضوء اعتبارين رئيسيين : أولهما: أن زيادة عدد المنظمات الحكومية المتعاونة مع الجمعية قد يؤدى إلى نتيجة عكسية مؤداها زيادة درجة الإتكالية بين هذه المنظمات، وثانيهما: أن زيادة عدد المنظمات المتعاونة ربما يكون هدفه تحقيق أهداف ذاتية لهذه المنظمات أكثر من استهداف تفعيل دور جمعيات تنمية المجتمع المحلى المدروسة.
وهذه النتيجة تضعف من الاعتماد على هذا المتغير (عدد المنظمات الحكومية المتعاونة) فى قياس الفعالية المنظمية.
3- أوضحت النتائج عدم وجود علاقة إقترانية بين الفعالية المنظمية وعدد المنظمات الأهلية المتعاونة، ويمكن تفسير هذه النتيجة فى ضوء ثلاث اعتبارات أ ولهما: أن المنظمات تعمل بمعزل عن بعضها ولا يوجد شكل من اشكال التنسيق الذي يجمع بينهم، وثانيهما: أن الاتحاد العام للجمعيات لا يلعب دور المنسق بين المنظمات وبعضها، وثالثهما: زيادة درجة الإتكالية بين هذه المنظمات.
وهذه النتيجة تضعف من الاعتماد على هذا المتغير (عدد المنظمات الأهلية المتعاونة)، فى قياس الفعالية المنظمية.
4- أوضحت النتائج وجود علاقة اقترانية بين الفعالية المنظمية ودرجة وضوح الهيكل التنظيمي، ويمكن تفسير ذلك فى ضوء انه كلما ازداد تحديث وتعديل الهيكل التنظيمي للجمعيات ليتواكب مع ما استحدث من تغيرات فى مجال عمل الجمعيات، مع التحديد الواضح للوظائف بالجمعيات يؤدى إلى احداث تغير فى اتجاهات الأفراد نحو إعادة تنظيم الهيكل التنظيمي لمقابلة كل ما هو حديث وجديد مع زيادة وضوح خطوط المسئولية، ولا شك أن هذه المحاور جميعاً تنعكس فى صورة زيادة فعالية جمعيات تنمية المجتمع المحلى.
5- أوضحت النتائج وجود علاقة اقترانية بين الفعالية المنظمية ودرجة وضوح الأهداف، ويمكن تفسير ذلك فى ضوء أنه كلما ازدادت درجة وضوح الأهداف وأصبحت الخطط المستقبلية للجمعيات ذات درجة عالية من الفعالية، وكلما ازداد وضوح الأولويات فى الأهداف بالجمعيات، وكلما ازدادت الخطط واقعية، كلما ازدادت قدرة الجمعية على تحقيق أهدافها، وبالتالي زيادة فعاليتها.
6- أوضحت النتائج عدم وجود علاقة اقترانية بين الفعالية المنظمية ودرجة الاتصال داخل الجمعية، ويمكن تفسير ذلك فى ضوء عدة اعتبارات، أولهما: أن كثيراً من أوجه الاتصال داخل الجمعيات تأخذ صوراً ودية لا تمكن الجمعية بأية حال من الأحوال من تحقيق أهدافها الرسمية، وثانيهما: أن كثيراً من المعلومات التى يتم انسيابها من خلال عمليات الاتصال لا يتم الالتزام بها والاستفادة منها ، وثالثهما: ربما ازداد احتواء وسائل الاتصال على عبارات غامضة تحمل تفسيرات متعددة، ورابعهما: ربما يكون عدم توافر وسائل الاتصال المناسبة (الاجتماعات الدورية- اللجان- المناقشات غير الرسمية،……). بالتالى لا تحقق الهدف المرجو منها وهو زيادة فعالية الجمعيات، وهذه النتيجة تضعف من الاعتماد على متغير ( درجة الاتصال ) فى قياس الفعالية.
7- أوضحت النتائج وجود علاقة اقترانية بين الفعالية المنظمية و درجة التنسيق المنظمى، ويمكن تفسير ذلك فى ضوء أنه كلما ازدادت درجة التنسيق المنظمى للجمعيات مع المنظمات الأخرى وازداد الاحتكاك بينهما، وكذلك زيادة العمل الجماعي بين الجمعية والمنظمات الأخرى كلما تعاونت هذه المنظمات جميعا على تحقيق أهدافها، وبالتالي المساهمة فى زيادة فعاليتها.
8- أوضحت النتائج وجود علاقة اقترانية بين الفعالية المنظمية والمستوى التدريبى للأعضاء، ويمكن تفسير ذلك فى ضوء أنه كلما ازدادت عدد الدورات التدريبية التى يتعرض لها الأعضاء كلما زادت خبراتهم فى دفع عملية التقدم والتطور داخل المنظمة، وبالتالي العمل على تحقيق أهدافها بطريقة أفضل أي زيادة درجة فعاليتها.
9- أوضحت النتائج عدم وجود علاقة اقترانية بين الفعالية المنظمية ودرجة التكيف، ويمكن تفسير ذلك فى ضوء أن كثيراً من صور التغير فى الحياة الاجتماعية والمنظمية بالريف المصري التقليدى قد تأخذ شكلاً صورياً بمعنى أن تغيرات فى الشكل فقط وليس فى المضمون، وبالتالي فان استجابة الجمعية لهذه التغيرات لا يعكس فى واقع الأمر زيادة فى درجة فعالية الجمعيات، وبالتالي فالاعتماد على هذا المتغير (درجة التكيف) فى قياس الفعالية المنظمية يكون ضعيفاً.
10- أوضحت النتائج عدم وجود علاقة اقترانية بين الفعالية المنظمية ودرجة خبرة الأعضاء، ويمكن تفسير ذلك فى ضوء أن زيادة عدد سنوات ممارسة عضو الجمعية للعمل الأهلى لا تعكس ارتفاع مستوى أداءه ومهاراته فى تحقيق أهداف الجمعية، حيث يمر عدد كبير من السنوات على الأعضاء دون أن يتم أي نشاط لرفع مستواهم التأهيلى أوالتدريبى وبالتالى لا يساهمون فى زيادة درجة فعالية الجمعيات التى ينتمون إليها، وربما يؤيد ذلك ما سبق أن أوضحته النتائج من أن نحو 57.5% من إجمالي الأعضاء تتراوح مستوياتهم التدريبية ما بين المنخفضة، المتوسطة.
11- أوضحت النتائج وجود علاقة اقترانية بين الفعالية المنظمية ودرجة تدخل الجهات الإشرافية، ويمكن تفسير ذلك فى ضوء أنه كلما زادت درجة تدخل الجهات الإشرافية كلما زادت درجة الفعالية، وقد تبدو هذه النتيجة غير منطقية، إلا انه أمكن تفسيرها فى ضوء أن تدخل الجهات الإشرافية قد يأخذ فى كثير من الأحيان شكل متابعة، ورقابة على أعمال الجمعية ، حيث أنه كلما ازدادت الرقابة وتقارير المتابعة، وتداخل اختصاصات أجهزة الرقابة وذلك لضمان الإلتزام الدقيق بتنفيذ اللوائح والقوانين والأهداف المنظمية، الأمر الذي قد يؤدى إلى زيادة قدرة الجمعية على تحقيق أهدافها، وبالتالي زيادة درجة فعاليتها، بالإضافة إلى ذلك فان هذا التدخل قد ينعكس فى بعض الأحيان على تسهيل عمليات التمويل والحصول على المنح والهبات، وهو أمر له أثر كبير فى زيادة فعالية الجمعيات.
12- أوضحت النتائج وجود علاقة إقترانية بين الفعالية المنظمية والعلاقة بين الأعضاء، ويمكن تفسير ذلك فى ضوء أنه كلما استطاع العضو أن يتكيف ويتوافق مع الآخرين داخل الجمعية كلما زادت درجة شعور الأعضاء بالألفة والانسجام داخل الجمعية والذي بدوره قد يؤدى إلى زيادة الفعالية المنظمية.
13- أوضحت النتائج وجود علاقة إقترانية بين الفعالية المنظمية ودرجة الرضا الوظيفي، ويمكن تفسير ذلك فى ضوء أنه كلما زادت درجة رضا العضو عن الجوانب المختلفة لعملة الذي يؤديه بالجمعية إستطاع أن يتميز أكثر فى عمله وبالتالي العمل فى جو مناسب وبيئة صالحة قد يعتبر من أهم العوامل التى تعمل على تحقيق أهداف الجمعية أي زيادة درجة فعاليتها.
14- تبين من نتائج الدراسة أن أهم المعوقات التى تواجه جمعيات تنمية المجتمع المحلى بشكل عام وهى (مرتبة تنازلياً) من وجهة نظر الأعضاء كانت: عدم توافر الدعم اللازم لأنشطة الجمعيات، ونقص فى الكوادر الفنية والإدارية، ونقص فى الإمكانات المادية، ونقص الوعي لدى الأهالي بأهمية المشاركة ، وتدخل بعض الجهات فى نطاق عمل الجمعية ، وضعف الإقبال على العمل التطوعى، وعدم التنسيق بين عمل الجمعية والجهات الرسمية ، ونقص فى العاملين المؤهلين ، وتقيد مجلس الإدارة بالجهات الإشرافية، ونقص فى القاعات والحجرات والأثاثات، وعدم وجود التدريب الكافى للأعضاء.
15- يتبين من نتائج الدراسة أن أهم المعوقات التى تواجه جمعيات تنمية المجتمع المحلى بشكل عام وهى (مرتبة تنازلياً) من وجهة نظر المستفيدين كانت : عدم ملاءمة وقت تقديم الخدمة للجمهور، وبعد مقر الجمعية عن المتعاملين معها، ونقص الوعي لدى الأهالي بأهمية العمل التطوعى، وضعف الاقبال على الخدمات المقدمة من الجمعية، وعدم صلة الخدمات المقدمة بحاجات الجمهور، وعدم تجهيز الجمعية بلوحات إرشادية، وعدم مقدرة الجمعية على الحد من البطالة ، وعدم وجود اخصائى مناسب لكل نشاط.
16- اتضح من نتائج الدراسة أن أهم الوسائل التى يمكن أن تساهم فى مواجهة المشكلات السابقة حسب ما أفاد الأعضاء بشكل عام وهى (مرتبة تنازلياً) كانت : ضرورة توفير الدعم اللازم لإقامة المشروعات وزيادة الدورات التدريبية لخلق الكوادر الفنية والإدارية، وزيادة التبرعات والجهود الذاتية، وزيادة الوعي لدى الأهالي بأهمية المشاركة ، والإعلان المستمر عن أهداف الجمعية، والحد من التدخلات المستمرة من الجهات الرسمية، والتنسيق بين الجمعية وغيرها من المنظمات الأخرى، وضرورة توفير أجهزة حاسب آلي بالجمعية وعقد الندوات واللقاءات لحث الأهالي على التطوع ، إعطاء صلاحية أكبر لمجلس الإدارة.
17- اتضح من نتائج الدراسة أن أهم الوسائل التى يمكن أن تساهم فى مواجهة المشكلات السابقة بشكل عام وهى (مرتبة تنازلياً) حسب ما أفاد به المستفيدين كانت : تحديد الوقت المناسب لتقديم الخدمة، وانشاء مقر للجمعية فى وسط القرية، وزيادة الوعي لدى الأهالي بأهمية التطوع، والإعلان المستمر عن أهداف الجمعية، وضرورة مطابقة المشروعات والخدمات لاحتياجات المجتمع الفعلية، وضرورة إدخال كوادر من رجال الأعمال فى مجلس الإدارة، وضرورة تجديد وتحديث مبنى الجمعية، والتوعية المستمرة من خلال وسائل الإعلام لتوعية المواطنين بأهمية دور الجمعيات الأهلية .
ويوضح شكل رقم (10) نموذج مقترح لتفعيل دور جمعيات تنمية المجتمع المحلى فى تنمية المجتمعات الريفية.
شكل رقم (10) تصور مقترح لتفعيل دور جمعيات تنمية المجتمع المحلى
التوصيات
بناءً على ما سبق، وفى ضوء الاستعراض المرجعي والدراسة الميدانية، والنتائج المتحصل عليها، أمكن ملاحظة أن الشئون الاجتماعية والاتحاد العام للجمعيات لا يلعبان الدور المنوط بهما بما يتوافر لديهما من خبرات متميزة فى شئون الجمعيات بشكل عام، وجمعيات تنمية المجتمع المحلى بشكل خاص، لذا توصى الدراسة فى شأنهما بالآتي:
1- ضرورة تطوير الهيكل التنظيمي للجمعيات من خلال التنسيق والتكامل بين الوحدات المختلفة بالجمعية ، والتحديد الواضح للوظائف ، مع وضوح خطوط المسئولية.
2- ضرورة صياغة أهداف واضحة وملزمة للجمعيات وإعلانها لجميع الأعضاء.
3- ضرورة التنسيق مع المنظمات الأخرى من خلال العمل المشترك والعلاقات التعاونية ما بين الجمعيات لتحقيق أهداف مشتركة.
4- ضرورة رفع المستوى التأهيلى والتدريبى لأعضاء الجمعيات ، وذلك لرفع المستوى المعرفى والمهارى.
5- ضرورة التنسيق مع الجهات الإشرافية العليا، وذلك لضمان المتابعة والرقابة على أعمال الجمعيات.
6- ضرورة زيادة فرص التعاون والعمل الجمعي بين الأعضاء للحد من أشكال الصراع، وتحقيق التوافق بين الأعضاء.
7- ضرروة العمل على تحفيز الأعضاء لكسب رضاهم عن الجمعيات، وذلك لتحقيق مستوى عالى من التكيف والانسجام بين الأعضاء.
8- ضرورة اجراء مزيد من الأبحاث والدراسات المماثلة فى نفس المجال على عينات مختلفة فى محافظات مختلفة، وخاصة فى المناطق الجديدة مع الحث على استخدام متغيرات جديدة بجانب بعض المتغيرات التى تناولتها الدراسة ، والتى ربما تساهم فى تفسير التباين فى الفعالية، وربما تغطى بعض الجوانب التى لم تشملها الدراسة الحالية.
9- ضرورة إجراء دراسات مستقبلية على منظمات أخرى (حكومية- أهلية) يمكن أن يكون بينها وبين جمعيات تنمية المجتمع تعاوناً مثمراً وايجابياً مثل الوحدة الاجتماعية، وإدارة التنمية الاجتماعية، ومجالس الحكم المحلى والاتحاد النوعى للجمعيات والمؤسسات ، والاتحاد الإقليمي للجمعيات والمؤسسات الخاصة.