الهادى آدم
شاعرتى الجميلة .. ساره.. وصلتنى اليوم رسالتك التى تتخذ من مظروف نقابة الأشراف حجاباً عن أعين البشر. حقا انك لأشرف شاعرة عرفتها، والمقصود بالشرف هنا ليست الكلمة التى يقولها الناس ، وإنما اقصد شرف الكلمة، شرف التعبير، شرف الاحساس ، وإن جاز القول: شرف الشرف، حمدت الله كثيراً أننى مازالت املك فى ذاكرتك لى مسكناً، برغم تعارك الأيام، سعدت كثيراً بدعوتك لى لحضور الأمسية الشعرية فى كلية الآداب ، ولكن هل تسمحى لى بالاستفسار عن بعض ما جاء فى رسالتك. أليس غريباً أن يطلب شخص مقابلة آخر ويحدد له اليوم والساعة والمكان دون سابق إنذار وكانك تملكين القدرية، أو تقولين للشئ كن فيكون ( حاشا لله) الأ تعلمين أن القدرية لم يهبها الله حتى لآصفيائه من الرسل
على رسلك شاعرتى .. ياليت لى قدر يطيع إذا إتمر.. فمن تظنينى: مالك أنا للقدر .. أدعوه دوماً فياتمر.. ونسيت أنى من البشر .. هلا فكرت شاعرتى أن هذه اللحظة التى حددتها قدريا من الممكن أن لا تكون. أم أن شاعرتنا كشفت أحجب القدر ، وظهر لها اللوح المسطور وتاكدت أننى حتماً ساكون. هل نسيت شاعرتى أن أول بيتين من الشعر فى ديوانها المهدى الى:
هى الدنيا تقول بملئ فيها حذار حذار من بطشى وفتكى
فلا يغرنكم منى ابتسام فقولى مضحك والفعل مبكى
اذكرك برسالتك: يجب أن نتقابل يوم........ الموافق....... الساعة......المكان هو ....... ، ياللهى كيف استطعت أن تثقى بأن المكان نفسه سيكون باق .
اقدم شكرى لك لانك بدأت رسالتك بقولك أستاذى. ترى بعد ما حدث أما زلت لك أستاذاً!!!!
أيتها الشاعرة الجميلة فى كل شئ ، لم يكن جميلا منك أن تحاصريننى بالقدر الذى لا أملكه ولا تملكينه. تمنيت أن تعطيننى فرصة أشعر معها أننى قادر على اتخاذ القرار ، كان من الصعب شاعرتى أن أنفذ لك طلباً ينهى علاقتى بالحرية، وأعيش معك فى جنة مكتوب على بابها الجبرية. استرجعى منى رسالتك لاننى لن احتفظ بها، وإن صعب عليك فاسترجعيها من ذاكرتك. هيا نتوقف سوياً عند بعض حروف كونت كلمات، انظرى جيداً فى رسالتك، أليست رسالة تضادية: تطلبين منى الحضور وترفضين المقابلة. تقولين كما قال : الهادى آدم:
• اغدا القاك
أغداً ألقاك يا خوف فؤادي من غدٍ
يالشوقي وإحتراقي في إنتظار الموعد
آه كم أخشى غدي هذا وأرجوه إقترابا
كنت أستدنيه لكن هبته لما أهابا
وأهلت فرحة القرب به حين استجابا
هكذا أحتمل العمر نعيماً وعذابا
مهجة حرة وقلباً مسه الشوق فذابا
أغداً ألقاك
أنت يا جنة حبي واشتياقي وجنوني
أنت يا قبلة روحي وانطلاقي وشجوني
أغداً تشرق أضواؤك في ليل عيوني
آه من فرحة أحلامي ومن خوف ظنوني
كم أناديك وفي لحني حنين ودعاء
يا رجائي أنا كم عذبني طول الرجاء
أنا لو لا أنت لم أحفل بمن راح وجاء
أنا أحيا لغد آن بأحلام اللقاء
فأت أو لا تأتي أو فإفعل بقلبي ما تشاء
أغداً ألقاك
هذه الدنيا كتاب أنت فيه الفكر
هذه الدنيا ليال أنت فيها العمر
هذه الدنيا عيون أنت فيها البصر
هذه الدنيا سماء أنت فيها القمر
فإرحم القلب الذي يصبو إليك
فغداً تملكه بين يديك
وغداً تأتلف الجنة أنهاراً وظلاّ
وغداً ننسى فلا نأسى على ماضٍ تولّى
وغداً نزهو فلا نعرف للغيب محلا
وغداً للحاضر الزاهر نحيا ليس إلا
قد يكون الغيب حلواً .. إنما الحاضر أحلى
أغداً ألقاك
يا رجائى ، من أنت بالله عليك ، هل أنت هى أم هى أنت، تطلب اللقاء وتخشاه، عزيزى الهادى آدم .. كيف استطعت؟.. كيف استطعت بالله عليك أن تقل ما لم تقله؟، كيف استطعت أن تسبر أغوارها، وأى مسبار استعملت، عرفتها طويلا فلم أصل إلى ما اليه أنت وصلت، أنك فى أقصى الجنوب – السودان – وهى فى أقصى الشمال - مصر – وأنا بينكما حوصرت، أقرضنى بعضاً من أشعارك، كى أصل إلى بداية طريق إلى نهايته أنت وصلت، عزيزى الهادى أدم : قلب محبوبتى متاهة وأنت الدليل، وبدون أشعارك أسلك دروب المستحيل، أقرضنى بيتاً لا.. بل بيتين.. بيتاً لى وبيتاً لكروانى الجميل
أه كم أخشى غدِ هذا وأرجوه إقترابا
أخشاك وأتمنى رؤياك، لقوة فيك أم لضعف بى، أم لقوة ضعفك، لاتدرين ولا أدرى.. هل تذكرين أخر جملة فى رسالتك – لن يكون بعد ذلك أبداً أبداً أبدا – أكان حبك لى يحتضر – أكنت تشهدين على وفاته القمر.. كنت تريدين حضورى حقاً أم أنها أخر دمعة فى مقلة العين أبت أن تذرف، فبحثت لها عن سبب للاقناع، آه أيتها الدمعة الوفية، لقد ثَقُلت على الاجفان، أبلغى صاحبتك أن ما بينى وبينها لايحتاج إلى مرثية أو إلى حفلة بكائية .. لكن يحتاج إلى كل منا أن يدرك الهوية.. هويتى وهويتك .. نارى وجنتك.. نهارى وليلتك.. وأبلغيها أننى اخترت نارى ونهارى وتركت فى عينيها عنوانى، وأهديتها أجمل همسات أشعارى، التى اقرضنيها .. الهادى آدم... أسماعيل عبد المالك