Dr Esmaiel Abdel Malek الادارة
عدد المساهمات : 261 تاريخ التسجيل : 22/01/2011
| موضوع: عندما يأتي الرحيــل الإثنين فبراير 06, 2012 9:33 pm | |
| عندما يأتي الرحيــل نظر محمد فيمن حوله مودعا الجميع بابتسامه مشوبة بالمجهول. اليوم تنتهى أجازته ويجب أن يرجع إلى كتيبته، فحرب الإستنزاف على أشدها. رد الجميع ابتسامته يمثلها. إلا هى، ابنة خالته سارة، فقد كانت شفتاها منطبقة، رفع النظر لأعلي، فرأى في العينين دمعة متحجرة،، تأبى النزول. نبهه رفيق السفر: حان وقت الرحيل. بنظرة وداع مسحت عينيه كل الوجوه الباسمة. توقف عند عينيها، ما زالت الدمعة متحجرة، وزادت اللمعة فى العينين. جمعتهما رجفة لا يعلمان لها سبباً. اقترضت عيون الحاضرين بسمة الشفاه، تمني لو جعل الله من بين أيديهم سدا ومن خلفهم وأغشاهم، حتى يكون وداعها أحضانه الملتهبة بالشوق، لقد أشعلت دمعتها المتحجرة أشواقه، وزادت لمعة عينيها الاشتعال سعيراً كاد يحرق قلبه، خاطبها وهو يعلم أن كلماته لن يسمعها سواهما، فهى كلمات تخرج من قلب وتسكن قلب دون أن يدرى أياً من صاحبى القلبين كيف ومتى خرجت: ساره، منذ زمن وأنا أبحث فى قلبك عن مكان فيه يرتاح قلبى، من عناء البحث عنك، رغم قرب كلانا منك. وكان ردك: لم يحن الوقت بعد. أوقد حان الآن يا سارة، لم النبش فى القبور، وقد اقتربت رفات الحب من أن تجد لها مستقراً فى قاع الذكريات. احتضن والديه وترك الجميع بلا وداع. اليوم الخامس من اكتوبر. انقضي شهرين ولم يحضر محمد. قال والده: أنها حرب الاستنزاف وطبيعى أن تكون الأجازات غير منتظمة. اليوم السادس من أكتوبر. يأتي بيان في نشرة الأخبار: اقتسمت اسماك القناة اكسجين الماء مع ضفاضعنا البشرية، الطيور تظلل قواتنا الخاصة في السماء، سيناء تدارى عورتها بالعلم المصرى، صيحات التكبير من الجنود تخترق صمت السماء: الله اكبر. اختلطت دموع الفرح بدموع الرعب علي الابناء. يأتي الرفقاء ويتأخر محمد. يذهب والده إليهم مستفسر. تأتي الاخبار تلوا الأخبار : تبادل اسرى في الميدان. ينتاب قلب والد محمد القلق فتسرع دقاته. وفى صباح باكر يدق باب البيت، فيفتح الأب فيرى أحد الضباط بالزى الحربى، يسأله الأب متلهفاً الإجابة: هل مات محمد؟ فيرد الضابط: محمد لم يمت... فقد كان أسداً مصرياً، والأسود لا تموت. اجتمع الأهل والجيران. يرتفع صوت الأم: ولدى.. أين محمد ؟ يجيب الضابط: محمد الآن يتجمل، ليزف لعروسه، فقد خطب واحدة من أجمل الفتيات. وقد أرسلنى لأزف لكم البشرى وهو يستأذنكم فى الذهاب إلى زيارة حبيبه ليبارك زواجه، وفجأة يعلوا صوت الضابط مخاطبا الجميع: ألا تحبون أن يجاور محمدُ محمدا؟. فهم الأب ما يقصده الضابط، فانتفض صائحاً: نعم نحب ، صلى الله عليك يا سيدى يا رسول الله. تفحصت عينا الضابط الحاضرات، جمعت بينهن غزارة الدموع وحمرة الأجفان، إلا عيناها، ما زالت فيهما دمعة متحجرة، نعم إنها سارة، كما وصفها محمد. يقترب الضابط منها، يهديها سلسلة حربية، منقوش عليها اسم الجندي ووحدته، يجاورهما حجاب مكتوب فيه: سارة أدرك أن جفنيك قد احتجزت الدمعات لتكون دموع فرح وقت اللقاء.. والآن أصبحت دموع حب ظل في الرحم جنين.. أعذريني.. لم أكن أدرى.. أن لي حبا سيولد ... عندما يأتي الرحيل... ... تمت ... اسماعيل عبد المالك
[/size][/center] | |
|